قوله تعالى:{يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين 57 قل بفضل الله ورحمته فبذالك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} الموعظة ،من الوعظ وهو النصح والتذكير بالعواقب{[1999]} .وهذا نداء كريم رحيم ينادي به الله عباده ليؤمنوا ويستقيموا على طريقه .طريق الحق والهدى والنور الكاشف المبين .نداء رباني أجل ،يدعو فيه الله الناس أن يتعظوا ويهتدوا كيلا يضلوا ويخسروا .وهو قوله:{يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور} أي جاءكم من الله نصح وتذكير وهو القرآن ،يذكركم عذاب ربكم ويحذركم غضبه وبطشه وعقابه{وشفاء لما في الصدور} وأمراض الصدور كثيرة ومختلفة .فمنها النفاق والقلق والهم والكآبة والشك والحسد والضغينة ،وغير ذلك من ألوان المرض الذي ينتاب القلب فيؤزه شديد الأز بما ينعكس على الجهاز النفسي كله بالاغتنام والاكتئاب والإحساس بالشقاء والتغيظ والإفراط في الأنانية والكراهية والجنوح للشر والأذى والعدوان .والكلام عن أمراض النفس ومشكلاتها وأعراضها وظواهرها وانعكاساتها على الإنسان طويل .وهي مما لا سبيل للنجاة منها غلا بالتزام ما دعانا الله إليه في كتابه الحكيم .
قوله{وشفاء لما في الصدور} والمراد به القرآن ،فهو الدواء الشافي مما يصيب القلوب من ألوان المرض ؛بل إن القرآن بما حواه من عقيدة ووعظ وذكرى ومنهج كامل للحياة برمتها يحول بين القلوب والأمراض .فلا يستكين القرآن بروعته وجماله وعظيم معناه في قلب الإنسان إلا حال بينه وبين التلوث بأمراض النفس .
قوله:{وهدى ورحمة للمؤمنين} القرآن مبعث الحق ومصدر الخير كله ؛فهو ينبثق عنه الرشد والهداية ومجانبة الضلال .وهو كذلك منطلق للرحمة ،فتفيض على المؤمنين ليكونوا في حياتهم آمنين سالمين مطمئنين .