{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ 57 قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ 58} .
التفسير:
57{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} .
هذا نداء من الله تعالى للناس كل الناس ،حيث أنزل الوحي ،وأرسل الرسل وبين للناس ما يشفيهم من أمراض الجاهلية ،وما يهديهم إلى طريق الصواب ،وهذا الكتاب رحمة للمؤمنين ؛لأنهم هم الذين استفادوا بهدايته ،وعملوا بأحكامه ؛فنالوا سعادة الدنيا والآخرة .
وقد وصف الله القرآن بأربع صفات:
1 .موعظة تعظ الناس وترشدهم ،وتشرح لهم أسباب الهداية والرشاد .
2 .شفاء حسي ومعنوي لأمراض القلوب ؛وهي: الرياء ،والشرك ،والكبر ،وحب الدنيا ،ودليل إلى الصفاء والنقاء ومحبة الله وإيثار الآخرة ؛وذكر بعض المفسرين: أن القرآن شفاء للأمراض الحسية ؛بشرط الأخذ في الأسباب ،والجمع بين الطب الإكلينيكي والطب الروحي .
قال الآلوسي في تفسيره: واستدل بالآية على أن القرآن يشفي من الأمراض البدنية كما يشفي من الأمراض القلبية ،والحسن البصري ينكر كون القرآن شفاء للأمراض ؛ويقول جعل الله القرآن شفاء لما في الصدور ولم يجعله شفاء لأمراضكم . xx
وعند التأمل نجد أنه لا مانع من دلالة الآية على أن يكون القرآن شفاء للأمراض المعنوية ،وللأمراض الحسية ؛حيث قد ورد في السنة الصحيحة: أن القرآن شفاء للأمراض الحسية ،وأقر النبي صلى الله عليه وسلم أن الفاتحة رقية من المرض وسبيل للشفاء .
3 .القرآن هداية للناس ؛لأنه شرح لهم أصول الدين ؛وبين أسباب السعادة ،وأرشد دعائم الإيمان المحقق لسعادة الدنيا والآخرة .
قال تعالى:{قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء} .( فصلت: 44 ) .
4 .رحمة للمؤمنين خاصة ؛حيث كان سبيلا إلى الإيمان والإحسان ،وتلاوة القرآن ومرضاة الرحمان .
سمع عمر بن عبد العزيز رجلا وقف للفتيا عشية عرفات ،وظل يجيب على أسئلة كل سائل من أهل الموسم حتى غربت الشمس ؛فقال عمر به عبد العزيز: «هذي المكارم لا قعبان من لبن » .أي: هذا هو الفضل الحقيقي ،وليس هناك فضل سوى ذلك .