قوله:{الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون} ،الكفر في ذاته فظيع وشنيع .وإذا ضُم على الكفر الصد عن سبيل الله ،فذلكم أفظع وأشنع .والصد عن سبيله يتناول كل وجوه الفتنة والإضلال عن دعوة الله .سواء كان ذلك بالمال أو النساء أو تقلد المناصب ،أو كان ذلك بالترهيب والتخويف ،أو التلويح باستعمال القوة والتعذيب من أجل الصد عن دين الله ،والحيلولة دون التشبث بالإسلام .وغير ذلك من مختلف الوسائل والأساليب التي برع فيها المجرمون والمتربصون وهم يصدون الناس عن عقيدة الإسلام وتعاليمه .لا جرم أن هذه بمفردها جريمة فظيعة نكراء تضاف إلى جريمة الكفر .وأولئك الصادون عن دين الله قد زادهم الله عذابا فوق العذاب من النار .وفي معنى هذه الزيادة قال ابن مسعود: عقارب لها أنياب كالنخل الطوال ،وحيات أمثال البُخْت تأخذ بشفاههم إلى أقدامهم ،فيستغيثون منها إلى النار فيقولون: النار النار .وقيل: يخرجون من النار إلى الزمهرير ،فيبادرون من شدة برده إلى النار .وقيل غير ذلك .( بما كانوا يفسدون ) ،أي: زادهم الله عذابا فوق العذاب بسبب عصيانهم ،وبأمرهم غيرهم أن يعصوا الله ويجتنبوا دينه وشرعه{[2588]} .