/م84
{الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون} .
كان أهل مكة يمنعون الناس من الدخول في الإسلام ،واتفقوا على تقسيم مكة منازل وأجزاء ؛يختص كل فريق منهم بطريق من طرقها ،فإذا شاهدوا وفود الحجاج والمعتمرين ،شنعوا على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ،وعلى الدين الجديد الذي يدعو إليه ،وادعوا:أنه ساحر أو كاهن أو مجنون ..وفي يوم القيامة يضاعف لهم العذاب ؛لكفرهم أولا ، ولصدهم الناس عن الإسلام ثانيا ، ثم إن هذا عدوان على دين الله ،وافتراء عليه ،وإفساد للعقائد .
{الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون} . أي:الكافرون من أهل مكة ،والمحرضون على الكفر ،لهم عذاب جزاء كفرهم ،وعذاب آخر لصدهم الناس عن الإيمان ،وهذا جزاء إفسادهم في الأرض ،وقلب الحقائق ،وتقبيح الإيمان وتزيين الكفر ،وفي هذا المعنى يقول الله تعالى:{وهم ينهون عنه وينأون عنه}( الأنعام:26 ) .
أي:ينهون الناس عن إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ،ويبتعدون عن دينه وهديه ،وقد أورد ابن جرير الطبري في تفسيره:آثارا عن الصحابة وغيرهم ،في ألوان العذاب الذي يزاد لهم ،وقد روى الحاكم والبيهقي وغيرهما عن ابن مسعود:أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( إن أهل النار إذا جزعوا من حرها ،استغاثوا بضحضاح في النار ،فإذا أتوه تلقاهم عقارب كأنها البغال الدهم ،وأفاع كأنهن البخاتى( ضخام الإبل ) تضربهم فذلك الزيادة )54 .
وفي الآية دليل على تفاوت الكفار في العذاب ،كما يتفاوت المؤمنون في منازلهم في الجنة ،ودرجاتهم فيها .