قوله: ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ) أما ( الذل ) فالمراد به ههنا السهولة وفرط اللين ؛أي ابسط لهما جناحك الذليل من فرط رحمتك بهما وعطفك عليهما .والمقصود من ذلك كله المبالغة في التواضع للوالدين ،والشفقة عليهما ،والترفق بهما .
قوله: ( وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ) لم يقتصر على إيجاب البر بالوالدين والإحسان إليهما والنهي عن الإساءة إليهما بأدنى مراتب الإساءة كالتأفيف ؛بل أمر الوالد أن يدعو لهما في الحياة وفي الممات بالرحمة .وهو قوله: ( ارحمهما ) ولفظ الرحمة جامع لكل أصناف الخير والفضيلة ؛فالولد مأمور أن يترحم على أبويه وأن يدعو لهما بالخير والغفران والرحمة في حياتها وبعد موتهما .وذلك جزاء ترحمهما وترفقهما به وحدبهما عليه وهو صغير ؛إذ ربياه في صغره ،وكابدا من صنوف التعب والنصب والإرهاق ما يبدد العافية والأعصاب تبديدا ،وذلك من أجله كيما يكبر ويترعرع فيصير في عداد الأقوياء والنشطاء والمعافين{[2669]} .