قوله تعالى:{وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا ( 64 ) رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا ( 65 )} .
في سبب نزول الآية روى الإمام أحمد عن ابن عباس قال: قال رسول الله ( ص ) لجبريل:"ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا ؟"فنزلت الآية: ( وما نتنزل إلا بأمر ربك ) و ( نتنزل ) ،بالتشديد ،وهو يقتضي العمل في مهلة .وقيل: لا تقتضيها .قال الزمخشري في ذلك: التنزل على معنيين: النزول على مهل ،والنزول على الإطلاق ؛أي بمعنى أنزل ،فلا يقتضي المهل أو التدريج ،والراجح الأول وهو النزول على مهل .وهذا خبر من لله عن جبريل عليه السلام ،أو حكاية قوله وهو أننا ننزل في الأحايين وقتا غِبّ{[2911]} وقت ،ولا ننزل إلا بأمر الله في الأوقات التي يقدرها تبعا لحكمته ومشيئته .ووقتا غب وقت ؛أي ينزل في وقت ويغيب عنه في آخر .قوله: ( له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك ) وهذا حكاية عن قول جبريل أيضا ،وهو أن الله محيط بالزمان كله ،فله ما أمامنا من الزمان المستقبل ،وما وراءنا من الزمان الماضي ،وله ما بين الزمانين جميعا .فلا ننزل في زمان من الأزمنة إلا بأمر الله وتقديره وحكمته .
قوله: ( وما كان ربك نسيا ) النسي ،في اللغة ،الكثير النسيان بكسر النون .أو هو النسيان بفتح النون{[2912]} ،والمراد به هنا: أن الله سبحانه وتعالى لا يجوز عليه النسيان والغفلة ؛فلا يدع أنبياءه ،أو يتخلى عنهم .