قال الإمام أحمد:حدثنا يعلى ووكيع قالا:حدثنا عمر بن ذر ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل:"ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا ؟ "قال:فنزلت ( وما نتنزل إلا بأمر ربك ) إلى آخر الآية .
انفرد بإخراجه البخاري ، فرواه عند تفسير هذه الآية عن أبي نعيم ، عن عمر بن ذر به . ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير ، من حديث عمر بن ذر به وعندهما زيادة في آخر الحديث ، فكان ذلك الجواب لمحمد صلى الله عليه وسلم .
وقال العوفي عن ابن عباس:احتبس جبريل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك وحزن ، فأتاه جبريل وقال:يا محمد ، ( وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا )
وقال مجاهد:لبث جبريل عن محمد صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة ليلة ، ويقولون قلي فلما جاءه قال:يا جبريل لقد رثت علي حتى ظن المشركون كل ظن . فنزلت:( وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا ) قال:وهذه الآية كالتي في الضحى .
وكذلك قال الضحاك بن مزاحم ، وقتادة ، والسدي ، وغير واحد:إنها نزلت في احتباس جبريل .
وقال الحكم بن أبان ، عن عكرمة قال:أبطأ جبريل النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين يوما ، ثم نزل ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"ما نزلت حتى اشتقت إليك "فقال له جبريل:بل أنا كنت إليك أشوق ، ولكني مأمور ، فأوحي إلى جبريل أن قل له:( وما نتنزل إلا بأمر ربك ) الآية . رواه ابن أبي حاتم ، رحمه الله ، وهو غريب .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أحمد بن سنان ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن مجاهد قال:أبطأت الرسل على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أتاه جبريل فقال له:ما حبسك يا جبريل ؟ فقال له جبريل:وكيف نأتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم ، ولا تنقون براجمكم ، ولا تأخذون شواربكم ، ولا تستاكون ؟ ثم قرأ:( وما نتنزل إلا بأمر ربك ) إلى آخر الآية .
وقد قال الطبراني:حدثنا أبو عامر النحوي ، حدثنا محمد بن إبراهيم الصوري ، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي حدثنا إسماعيل بن عياش ، أخبرني ثعلبة بن مسلم ، عن أبي كعب مولى ابن عباس ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم:أن جبريل أبطأ عليه ، فذكر ذلك له فقال:وكيف وأنتم لا تستنون ، ولا تقلمون أظفاركم ، ولا تقصون شواربكم ، ولا تنقون رواجبكم .
وهكذا رواه الإمام أحمد ، عن أبي اليمان ، عن إسماعيل بن عياش ، به نحوه .
وقال الإمام أحمد:حدثنا سيار ، حدثنا جعفر بن سليمان ، حدثنا المغيرة بن حبيب - ختن مالك بن دينار - حدثني شيخ من أهل المدينة ، عن أم سلمة قالت:قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أصلحي لنا المجلس ، فإنه ينزل ملك إلى الأرض ، لم ينزل إليها قط "
وقوله:( له ما بين أيدينا وما خلفنا ) قيل:المراد ما بين أيدينا:أمر الدنيا ، وما خلفنا:أمر الآخرة ، ( وما بين ذلك ) ما بين النفختين . هذا قول أبي العالية ، وعكرمة ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير . وقتادة ، في رواية عنهما ، والسدي ، والربيع بن أنس .
وقيل:( ما بين أيدينا ) ما نستقبل من أمر الآخرة ، ( وما خلفنا ) أي:ما مضى من الدنيا ، ( وما بين ذلك ) أي:ما بين الدنيا والآخرة . يروى نحوه عن ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، وقتادة ، وابن جريج ، والثوري . واختاره ابن جرير أيضا ، والله أعلم .
وقوله:( وما كان ربك نسيا ) قال مجاهد والسدي معناه:ما نسيك ربك .
وقد تقدم عنه أن هذه الآية كقوله:( والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى ) [ الضحى:1 - 3]
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا يزيد بن محمد بن عبد الصمد الدمشقي ، حدثنا محمد بن عثمان - يعني أبا الجماهر - حدثنا إسماعيل بن عياش ، حدثنا عاصم بن رجاء بن حيوة ، عن أبيه ، عن أبي الدرداء يرفعه قال:"ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عافية ، فاقبلوا من الله عافيته ، فإن الله لم يكن لينسى شيئا "ثم تلا هذه الآية:( وما كان ربك نسيا )