وقوله: ( أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة ) ( أولئك ) اسم إشارة في محل رفع مبتدأ وخبره الاسم الموصول ( الذين ) في محل رفع ،والجملة الفعلية بعده صلة الموصول .
المراد باسم الإشارة ( أولئك ) هم اليهود الذين اعتاضوا عن الاستقامة وقول الحق والعدل والالتزام بشرع الله ودينه ،بالزيغ والانحراف إذ كذبوا على الله بنكرانهم نبوة محمد ( ص ) وتحيزهم إلى فئة المشركين .وذلك هو اشتراء الضلالة وهي الكفر والانحراف والتحيز للشرك والباطل ،ودفعوا بدل ذلك عقيدتهم وملتهم إذ زيفوهما تزييفا وبدلوهما تبديلا .ومثل هذا التزييف أو التبديل أو الانحراف يؤول بهؤلاء المشركين إلى عذاب الله بدلا من مغفرته .
وقوله: ( فما أصبرهم على النار ) ما تفيد التعجب والتقدير: شيء أصبرهم .أصبر فعل ماض مبني على الفتح والضمير المتصل في محل نصب مفعول به .والميم للجمع وما في محل رفع مبتدأ ،وما بعدها خبر{[187]} .والآية تبين فظاعة العذاب الأليم الذي يحترق فيه هؤلاء المشركون الضالون .وهم حين يلجون النار يُكبكبون فيها تكبكبا وهم داخرون مقهورون .حتى إن من يبصرهم وهم يتقاحمون في النار يمتلكه العجب المدهش لصبرهم على النار المتأججة المستعرة التي تصهر الجبال فكيف بالجلود والأبدان ؟!.
وقيل: ( فما أصبرهم على النار ) أي ما أدومهم وأطول بقاءهم في النار وقيل: ما تفيد الاستفهام ومعناه التوبيخ .وقيل: تعني الاستهانة والاستخفاف بهم .