{أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار} .
/م174
المفردات:
اشتروا الضلالة بالهدى: باعوا الهدى بالضلالة ،وجعلوها مكانه .
التفسير:
فكأنما هي صفقة يدفعون فيها الهدى ويقبضون الضلالة .ويؤدون المغفرة ويأخذون فيها العذاب فما أخسرها من صفقة وأغباها وبالسوء ما ابتاعوا وما اختاروا ،وإنها لحقيقة .فقد كان الهدى مبذولا لهم فتركوه وأخذوا الضلالة ،وكانت المغفرة متاحة لهم فتركوها واختاروا العذاب .
فما أصبرهم على النار:
فيا لطول صبرهم على النار التي اختاروها اختيارا وقصدوا إليها قصدا .
فيا للتهكم من طول صبرهم على النار .
قال العلماء:
إن فعل التعجب في كلام الله ،المراد منه التعجيب ،أي جعل الغير يتعجب من ذلك الفعل ،وهو هنا صبرهم على النار ،فيكون المقصود تعجب المؤمنين من جرأة أولئك الكاتمين لما أنزل الله على اقترافهم ما يلقى بهم في النار شأن الواثق من صبره على عذابها المقيم .
وشبيه بهذا الأسلوب في التعجيبكما أشار صاحب الكشافأن تقول لمن يتعرض لما يوجب غضب السلطان: ما أصبرك على القيد والسجن ،فأنت لا تريد التعجب من صبره ،وإنما تريد إفهامه أن التعرض لما يغضبه لا يقع إلا عمن شأنه الصبر على القيد والسجن ،والمقصود بذلك تحذيره من التمادي فيما يوجب غضب ذلك السلطان المستند .