{ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد} .
/م174
ذلك الذي تقدم من الجزاء الشديد المترتب على الكتمان ،حاصل بسبب أن الله نزل القرآن بالحق ،فلا يصح أن يكتم أمره وأمر من جاء به ،ولا أن يفتري عليه ،وأن الذين اختلفوا في شأنه لفي خلاف بعيد عن الحق موجب لأشد العذاب ،إن منهم من يقول: هو سحر .ومنهم من يقول: أساطير الأولين ،ومنهم من يقول: افتراه على الله كذبا ،أم به جنة ،ومنهم من يقول: إنما يعلمه بشر .
ويرى بعض المفسرين: أن المراد بالكتاب: جنس الكتب التي أنزلها الله ،وأن المعنى ،ذلك العذاب بسبب أن الله نزل كتبه بالحق ،فلا جرم أن يعذب من يكتمها ،أو يكذبها .وأن الذين اختلفوا في شأن ما أنزله الله في كتبه ،فأظهروا منها ما يناسب أهواءهم وأخفوا ما لا يناسبها أو آمنوا ببعضها ،وكفروا بالبعض الآخر ،وأساءوا تأويل بعضها .
{لفي شقاق بعيد}: شقاق مع الحق .،وشقاق مع ناموس الفطرة ،وشقاق فيما بينهم وبين أنفسهم ،وبعد شديد عن الحق والصواب .
وبدلك تكون الآيات الكريمة قد ذكري ألوانا من العقوبات الأليمة التي توعد الله بها كل من يكتم أمرا نهى الله عن كتمانه ،لكي يقلع كل من يتأى منه الخطاب عن هذه الرذيلة ،وفاء للعهد أخذه الله على الناس بصفة عامة ،وعلى أولي العلم بصفة خاصة .
* * *