قوله: ( أم اتخذوا من دونه آلهة ) كرر الإنكار والتوبيخ استفظاعا لكفرهم واستبشاعهم لما زعموه واصطنعوه من الآلهة المفتراه .
قوله: ( قل هاتوا برهانكم ) وذلك على سبيل التسفيه لهم والاستخفاف بعقولهم ؛فإنه لا حجة لهم ولا دليل من جهة النقل ولا من جهة العقل على أن لله شريكا .إنما الله واحد لا شريك له .وهذه حقيقة تشهد بها الكتب السماوية وهو قوله: ( هذا ذكر من معي وذكر من قبلي ) يشهد هذا القرآن بأن الله وحده ليس له شريك ،وأنه عظة لهذه الأمة وكذلك تشهد الكتب السماوية السابقة بذلك ،وهي عظة لأمم النبيين من قبل محمد ( ص ) .
قوله: ( بل أكثرهم لا يعلمون الحق ) ( بل ) ،حرف إضراب ،وذلك بعد أن بيّن أنهم جاحدون غير ممتنعين عن الكفر .فإن أكثر هؤلاء الضالين المكذبين إنما سبب كفرهم وضلالهم هو الجهل بقدر الله وعظيم شأنه .وكذلك جهلهم بحقيقة هذا الدين الكريم الذي جاء يحمل لهم الخير والسلامة والسعادة .وهذه معضلة البشرية الضالة في كل زمان ،وزماننا هذا على وجه التخصيص .إنها معضلة البشرية الجامحة في الإعراض عن منهج الله الذي كتبه للعالمين ليكون لهم نجاة وأمنا في الدنيا والآخرة .لكن البشرية في جُلها مدبرة عن هذا الدين في شرود جامح لجوج بسبب الجهل المطبق الذي يحول بينها وبين تعاليم الإسلام .
وما ينبغي أن ننسى هنا ما تعرضت له البشرية في كل زمان وفي هذا الزمان خاصة- من حملات التشويه والتشكيك والتخريص والافتراء على الإسلام بمختلف الأساليب الفكرية والثقافية والإعلامية التي استند إليها خصوم الإسلام في الغرب والشرق لغسل أذهان الناس والمجتمعات لحملها على كراهية هذا الدين العظيم .فسبب البون العريض بين الإسلام وأذهان البشرية: هو الجهل بحقيقة الإسلام في روعة عقيدته وكمال تشريعه وما يرسخه في الدنيا من قواعد الحق والعدل والرحمة ( فهم معرضون ) بسبب الجهل الذي يركب أدمغة البشر ،أدبر الناس عن دين الله وجمحوا في الإعراض عنه جموح الأحمق السفيه الذي يتخبط تائها ذاهلا في الديجور وهو يمضي في طريق الشياطين من طواغيت الإنس والجن .