{أَمِ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً} صنعوها بأيديهم ،أو منحوها الهالة القدسية بأوهامهم ،وكيف فعلوا ذلك ؟وما الأساس الذي اعتمدوا عليه ؟{قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ} لأن العقيدة لا بد أن تخضع للحجة القاطعة التي تملك على العقل قناعاته ،فأين هو البرهان من ذات الإله وصفاته ،أمام الإله الحق الذي دل على ذاته بذاته ،وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته .
وفي كل شيء له آية تدلّ على أنه واحد
فإذا كان لكم برهان فقدّموه ..ولكنكم لم تقدموا شيئاً يدلّ على ذلك ،بل قام الدليل على خلافه ،لا سيما وأن الكتب السماوية تنفي وجود إلهٍ آخر غير الله ،وتؤكد وحدانيته ،{هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِي} وهو القرآن النازل عليّ من الله ،{وَذِكْرُ مَن قَبْلِي} من الكتب النازلة على موسى( ع ) وعيسى( ع ) التي تتحدث عن الإله الواحد في مواجهة عقيدة الشرك ،فهل تجدون فيها أيّ إشارة إلى أيّ شريك لله كما تزعمون ؟وهل هناك كتاب آخر قد أنزله هذا الإله على الناس ؟{بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ} ولا يملكون الرؤية الواضحة للأشياء ،لأن الغفلة قد سيطرت على عقولهم ،ولذلك فإنهم لا يملكون القاعدة التي تميّز بين الحق والباطل ،ولا يملكون الذهنية التي تقودهم إلى العقيدة الحاسمة في ذلك كله ،{فَهُمْ مُّعْرِضُونَ} عن كل دعوة للتوحيد وعن كل دليل يؤكد الدعوة .