تقول الآية أوّلا: ( أم اتّخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم ) وهو إشارة إلى أنّكم إذا صرفتم النظر عن الدليل السابق القائم على أنّ نظام عالم الوجود دليل على التوحيد ،فإنّه لا يوجد أي دليلعلى الأقلعلى إثبات الشرك واُلوهيّة هذه الآلهة ،فكيف يتقبّل إنسان عاقل مطلباً لا دليل عليه ؟
ثمّ تشير إلى الدليل الأخير فتقول: ( هذا ذكر من معي وذكر من قبلي ) وهذا هو الدليل الذي ذكره علماء العقائد تحت عنوان ( إجماع واتفاق الأنبياء على التوحيد ) .
ولمّا كانت كثرة المشركين ( وخاصّةً في ظروف حياة المسلمين في مكّة ،والتي نزلت فيها هذه السورة ) مانعاً أحياناً من قبول التوحيد من قبل بعض الأفراد ،فهي تضيف: ( بل أكثرهم لا يعلمون الحقّ فهم معرضون ) .
لقد كانت مخالفة الأكثرية الجاهلة في كثير من المجتمعات دليلا وحجّة لإعراض الغافلين الجاهلين دائماً ،وقد انتقد القرآن الاستناد إلى هذه الأكثرية بشدّة في كثير من الآيات ،سواء التي نزلت في مكّة أو المدينة ،ولم يعرها أيّة أهميّة ،بل اعتبر المعيار هو الدليل والمنطق .