قوله تعالى:{وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين ( 57 ) فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون ( 58 ) قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين ( 59 ) قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم ( 60 ) قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون ( 61 ) قالوا آأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ( 62 ) قال بل فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون ( 63 )} .
أقسم إبراهيم الخليل عليه السلام ليكيدن أصنام هؤلاء الضالين السفهاء بتكسيرها وتحطيمها بعد أن يبرحوا مغادرين .وهذا صنع هائل قام به النبي الأكرم إبراهيم بشجاعته الفذة المعروفة وجرأته البالغة في مواجهة الباطل على نحو ليس له في الرجال نظير .ذلك بالرغم مما كان يحف به من المخاطر العصيبة ،خصوصا إذا علمنا مبلغ جهالة القوم ومدى تشبثهم بالأصنام وحبهم لها ،وعلى رأسهم الطاغوت العاتي نمروذ .لكن إبراهيم بقلبه الكبير الحافل بالإيمان واليقين والثقة بالله أجدر أن لا يخشى أحدا سوى الله .وأجدر أن يكون أهلا لما صنعه بأصنام القوم من تقطيع وتهشيم ،دون أن يثنيه عن ذلك ضعف أو خشية من سطوة الظالمين وعدوانهم وهو قوله: ( وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين ) التاء ،من حروف القسم .والمراد بالكيد الاجتهاد في تكسير الأصنام مع ما يخالط ذلك من لطيف الحيلة في الإخبار عن نفسه بأنه سقيم وأن الذي قام بالتكسير كبيرهم من الأصنام نفسها .لذلك أقسم قائلا: تالله لأجتهدن في تحطيم هذه الأصنام معقب خروج القوم إلى عيد لهم .