انتقل إبراهيم عليه السلام من تغيير المنكر بالقول إلى تغييره باليد معلناً عزمه على ذلك بقوله:{ وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين} مؤكداً عزمه بالقسم ،فالواو عاطفة جملة القسم على جملة الخبر التي قبلها .
والتاء تختص بقسمٍ على أمر متعجب منه وتختص باسم الجلالة .وقد تقدم عند قوله تعالى:{ قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف}[ يوسف: 85] .
وسمى تكسيره الأصنام كَيْداً على طريق الاستعارة أو المشاكلة التقديرية لاعتقاد المخاطبين أنهم يزعمون أن الأصنام تدفع عن أنفسها فلا يستطيع أن يمسها بسوء إلا على سبيل الكيد .
والكيْد: التحيل على إلحاق الضر في صورة غير مكروهة عند المتضرر .وقد تقدم عند قوله تعالى:{ إن كيدكن عظيم} في[ سورة يوسف: 28] .
وإنما قيد كيده بما بعد انصراف المخاطبين إشارة إلى أنه يلحق الضر بالأصنام في أول وقت التمكن منه ،وهذا من عزمه عليه السلام لأن المبادَرة في تغيير المنكر مع كونه باليد مقام عزم وهو لا يتمكن من ذلك مع حضور عبدة الأصنام فلو حاول كسرها بحضرتهم لكان عمله باطلاً ،والمقصود من تغيير المنكر: إزالته بقدر الإمكان ،ولذلك فإزالته باليد لا تكون إلا مع المكنة .
{ ومدبرين} حال مؤكدة لعاملها .وقد تقدم نظيره غير مرة منها عند قوله تعالى{ ثم وليتم مدبرين} في[ سورة براءة: 25] .