{لأَكِيدَنَّ}: الكيد: التدبير الخفيّ على الشيء بما يسوؤه .
{وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} في تدبير خفي محكم يستهدف وجودها واحترامها وقداستها في عملية تكسير وتحطيم ،لأن المسألة هي أن من الضروري أن نواجه العقيدة الضالة المتخلفة ،بالتحليل الفكري المضاد الذي يفسح المجال للقناعة الإيمانية من مواقع الفكر ،وبالتحطيم العملي الذي يدمِّر هيبتها واحترامها في النفوس ،ليراها الناس ،على الطبيعة ،مجرد أحجار جامدة لا تملك أن تدفع عن نفسها ضرّاً ولا تجلب لها نفعاً .وهكذا كانت أفكاره تتجه للتدبير الخفي الذي يؤدي إلى تكسيرها في عملية إثارة للجدل الفكري الذي يقودهم إلى التفكير في الموضوع من موقع جديد ،فخاطبهم بلهجة التهديد ولكن في سره ،لأن الإعلان لا يتناسب مع الكيد ،باعتبار أنه قد يدفعهم إلى الاحتياط في المحافظة عليها ،ويُبعد الخطة عن الوصول إلى أهدافها في إثارة الحوار .لقد كان عقله يتحرك في أكثر من اتجاه ،ليكتشف الأسلوب المتحرك الذي يستطيع من خلاله اقتحام التحجُّر الفكري الذي يعيشون فيه ،ليواجههم في مناجاته الذاتية ،في خطاب عقلي موجّه إليهم ،وتالله لأدمرن هذه الأصنام في خطة دقيقة لا تملكون الوقوف أمامها ،على صعيد الفكر والواقع ،{بَعْدَ أَن تُوَلُّواْ مُدْبِرِينَ} فيخلو الجو له في التحرك بحرية في ما يريد أن يقوم به ..
وذهب القوم إلى أعمالهم ،وبقي إبراهيم هناك ،أو أنه عاد إليها خلسة من دون أن يشعر به أحدٌ ،وتوجه إليها مكسراً ومحطماً .