الضميران البارزان في{ جعلهم} وفي{ لهم} عائدان إلى الأصنام بتنزيلها منزلة العاقل ،وضمير{ لعلهم} عائد إلى قوم إبراهيم ،والقرينة تصرف الضمائر المتماثلة إلى مصارفها مثل ضميري الجمع في قوله تعالى{ وعمروها أكثر مما عمروها}[ الروم: 9] .
والجُذاذ بضم الجيم في قراءة الجمهور: اسم جمع جُذاذة ،وهي فُعالة من الجذّ ،وهو القطع مثل قُلامة وكُناسة ،أي كسرهم وجعلهم قطعاً .وقرأ الكسائي{ جِذاذاً} بكسر الجيم على أنه مصدر ،فهو من الإخبار بالمصدر للمبالغة .
قيل: كانت الأصنام سبعين صنماً مصطفة ومعها صنم عظيم وكان هو مقابل باب بيت الأصنام ،وبعد أن كسرها جعل الفأس في رقبة الصنم الأكبر استهزاء بهم .
ومعنى{ لعلهم إليه يرجعون} رجاء أن يرجع الأقوام إلى استشارة الصنم الأكبر ليخبرهم بمن كسر بقية الأصنام لأنه يعلم أن جهلهم يطمعهم في استشارة الصنم الكبير .ولعل المراد استشارة سدنته ليخبروهم بما يتلقونه من وحيه المزعوم .
وضمير{ لهم} عائد إلى الأصنام من قوله{ أصنامكم}[ الأنبياء: 57] .وأجري على الأصنام ضمير جمع العقلاء محاكاة لمعنى كلام إبراهيم لأن قومه يحسبون الأصنام عقلاء ،ومثله ضمائر قوله بعده{ بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون}[ الأنبياء: 63] .
وهذا العمل الذي عمله إبراهيم عمله بعد أن جادل أباه وقومه في عبادة الأصنام والكواكب ورأى جماحهم عن الحجة الواضحة كما ذكر في سورة الأنعام .