قوله تعالى:{إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم ( 23 ) يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ( 24 ) يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين ( 25 )} .
والمراد بالمحصنات ههنا ،العفيفات .وقد وقع الإجماع على أن حكم المحصنين من الرجال مثل حكم المحصنات من النساء في حد القذف .فيستوي في الحكم قذف المؤمن والمؤمنة .
وفي الآية وعيد من الله للقذفة الذين يرمون المؤمنات العفيفات ( الغافلات ) أي غافلات عن الفواحش وعما قذفن به ،اللواتي لا يخطر ببالهن فعل الفاحشة البتة .وذلك لعفتهن وطهارة قلوبهن .
قوله: ( لعنوا في الدنيا والآخرة ) أي سيموا من الله اللعن وهو الإبعاد من رحمته ،وضربوا الحد ،وهجرهم المؤمنون وانتفت فيهم صفة العدالة ،فضلا عن تعذيبهم العذاب العظيم في الآخرة إن لم يتوبوا .فإن تابوا إلى الله واستغفروه وأنابوا إليه فإن الله قابل التوْب ،رحيم بالمؤمنين .
أما المراد بهذه الآية فهو موضع خلاف .فقد قيل: رماة عائشة ( رضي الله عنها ) خاصة .وهو قول سعيد بن جبير .وقد أجمع العلماء على أن من رمى عائشة بالسوء من القول بعد الذي نزل بشأنها من القرآن فقد كفر ؛لأنه معاند لصريح النص من الكتاب الحكيم .وقال ابن عباس: المراد رماة عائشة وسائر زوجات الرسول ( ص ) دون غيرهن من المؤمنين والمؤمنات .
وعلى هذا ،من قذف واحدة من زوجات النبي ( ص ) فهو من أهل هذه الآية ؛إذ تمسه اللعنة ويحيق به العذاب العظيم في الآخرة فوق ضربه الحد في الدنيا .وهو بذلك لا توبة له .أما من قذف غيرهن فقد جعل الله له التوبة .
وقيل: هذه من قذف واحدة من زوجات النبي ( ص ) فهو من أهل هذه الآية ؛إذ تمسه اللعنة ويحيق به العذاب العظيم في الآخرة فوق ضربه الحد في الدنيا .وهو بذلك لا توبة له .أما من قذف غيرهن فقد جعل الله له التوبة .
وقيل: هذه تفيد العموم لتشمل كل قاذف ومقذوف من المحصنات والمحصنين .وهو الراجح ،لما تقرر في علم الأصول أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
ومما يعضد القول بالعموم ما أخرجه الصحيحان من حديث سليمان بن بلال أن رسول الله ( ص ) قال:"اجتنبوا السبع الموبقات "قيل: وما هن يا رسول الله ؟قال:"الشرك بالله ،والسحر ،وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ،وأكل الربا ،وأكل مال اليتيم ،والتولي يوم الزحف ،وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ".