قوله تعالى:{والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ( 6 ) والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ( 7 ) ويدرأوا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ( 8 ) ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم ( 9 )} .
ورد في سبب نزول هذه الآية عدة روايات نقتضب منها ما رواه البخاري عن ابن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي ( ص ) بشريك بن سحماء .فقال النبي ( ص ):"البينة وإلا حد في ظهرك "فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة ؟فجعل النبي ( ص ) يقول:"البينة وإلا حد في ظهرك "فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد فنزل جبريل وأنزل عليه ( والذين يرمون أزواجهم ) فقرأ حتى بلغ ( إن كان من الصادقين ) فانصرف النبي ( ص ) فأرسل إليهما فجاء هلال فشهد والنبي ( ص ) يقول:"إن الله يعلم أن أحدكما كاذب ،فهل منكما تائب ؟ثم قامت فشهدت .فلما كان في الخامسة وقفوها وقالوا إنها موجبة .قال ابن عباس فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع .ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت .فقال النبي ( ص ):"أبصروها فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الأليتين خدلج الساقين فهو لشريك بن سمحاء "فجاءت به كذلك .فقال النبي ( ص ):"لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن ".
على أن هذه الآية فيها فرج ومخرج للأزواج الذين يرون في أهلهم السوء بأعينهم فيتعسر عليهم أن يأتوا بأربعة شهداء ،فلهم أن يلاعنوهن وذلك من الملاعنة أو اللعان ،وصورته ما بيناه في سبب نزول الآية ،وهي قوله: ( والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ) أنفسهم ،مرفوع على البدل من ( شهداء ) فشهادة مرفوع على الابتداء ،وخبره محذوف ،وتقديره: فعليهم شهادة أحدهم .أو مرفوع على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره: فالحكم شهادة أحدكم أربع شهادات{[3228]} .
وبيان الملاعنة أو اللعان أن يقذف الرجل زوجته بالزنا ،كأن يقول لها: زنيت أو يا زانية .أو قال لها: هذا الولد ليس مني .وجملة ذلك: أن يتهمها بالزنا أو ينفي حملا أو ولدا منها دون أن تكون له على ذلك بينة .فله بذلك أن يلاعنها كما أمره الله جل وعلا .وذلك أن يحضر وإياها إلى الحاكم فيدعي عليها ما رماها به فيحلفه الحاكم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين .أي يقول: أشهد بالله أنه لصادق فيما رماها به من الزنا .وذلك في مقابلة أربعة شهداء يشهدون على صدقه