فاستجاب الله الدعاء ،وبيان ذلك أن الملائكة نادته خطابا فأسمعته وهو قائم في محراب عبادته يصلي تحمل له البشرى ( أن الله يبشرك بيحيى ) يبشرك من البشرى وهي ما يبشر به .استبشر: فرح وسر .والبشارة: الخبر السار لا يعمله المخبر .تبشر: فرح وتهلل{[459]} .
بشرت الملائكة زكريا بولد اسمه يحيى ( مصدقا بكلمة من الله ) يعني المسيح عيسى .وهو قول أكثر المفسرين .وسمي عيسى كلمة ؛لأنه كان بكلمة الله تعالى التي هي"كن "فكان من غير أب .أما يحيى فهو أول من آمن بعيسى عليهما الصلاة والسلام ،وصدقه وكان يحيى أكبر من عيسى بثلاث سنين .وقيل: بستة أشهر ،وكانا ابني خالة .
والظاهر في اسم يحيى أنه اسم أعجمي فلا يصرف كموسى وعيسى ،وقيل عربي من الحياة وسمي بذلك ؛لأن الله أحياه بالإيمان .
قوله: ( وسيدا ) السيد الذي يسود قومه ويُنتهى إلى قوله .أي يفوقهم في الشرف .وقيل: الحليم .وجملة ذلك أنه الشريف في العلم والعبادة والتقى .
قوله: ( وحصورا ) من الحصر ،وهو الحبس .والحصور الذي لا يأتي النساء .وقيل: المانع نفسه من الشهوات .وقيل: كان معصوما من الذنوب .أي لا يأتيها كأنه حصور عنها .
قوله: ( ونبيا من الصالحين ) هذه بشارة أخرى بنبوة يحيى بعد البشارة الأولى بولادته وهي أعلى من الأولى{[460]} .