قوله تعالى: ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا ) .ذلك سؤال مثير يبعث على الرهبة والخوف ويذكر بيوم مشهود عصيب يشتد فيه الكرب وتنخلع فيه القلوب لهول الحدث القارع المفزع وذلك هو يوم القيامة ،حيث يجاء على رأس كل أمة من الأمم برسولها الذي بعث فيها ليكون شهيدا عليها بما قدمته من أعمال في الخير أو الشر .وهو موقف عصيب ورعيب حقا !موقف حافل بالرعب والهول بما لا يتصوره إنسان وذلك إذا جيء بالخلائق كلها لتقف حاسرة عارية بين يدي الرب فيسألها عن كل صغيرة وكبيرة أمام الناس والملائكة جميعا .
قوله: ( وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) المخاطب هو الرسول محمد ( ص ) فإنه سيجاء به يوم القيامة ليكون شاهدا على أمته التي بعث فيها .وقد أخرج البخاري بإسناده عن عبد الله بن مسعود قال: قال لي رسول الله ( ص ):"أقرأ عليّ "قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل ؟قال:"إني أحب أن أسمعه من غيري "فقرأت عليه سورة"النساء "حتى بلغت ( وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) قال:"أمسك "فإذا عيناه تذرفان .أما المقصود بقوله "( هؤلاء ) فقد قيل هم كفار قريش فهم وزرا من غيرهم من المشركين وذلك لمعاينتهم النبوة ولما رأوه من الأدلة والمعجزات التي تبرهن على صدق الرسول الكريم ،لكنهم لصلفهم وعنادهم لجوا مستكبرين جاحدين .وقيل: المقصود جميع أمة النبي فهم الذين سوف يقف النبي عليهم شهيدا يوم القيامة ليشهد على أعمالهم لدى العرض والحساب .نسأل الله العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة .