قوله:{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا} يعني ،ومثل الذي أوحيناه إلى النبيين من قبلك أوحينا إليك يا محمد{رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا} أي رحمة من عندنا ،وقيل: المراد بالروح القرآن .وقيل: جبريل .وقيل غير ذلك .والأظهر أن المراد به القرآن ؛فقد سماه الله روحا ؛لأنه ينشر في الناس الحياة والمعرفة بعد أن كانوا من قبله جهالا يشبهون الموتى ؛لفساد تفكيرهم وسلوكهم ،وسوء صنعهم ،وتخبطهم تائهين مضطرين حيارى .فلا شك أن القرآن أشبه بالروح السارية في أعماق الإنسان لتبعث فيه الحياة والحركة وتثير فيه الإحساس والقدرة على أداء الخير والمعروف .
قوله:{مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الْإِيمَانُ} اختلف العلماء في المراد بالكتاب والإيمان ههنا ،مع إجماعهم على أنه لا يجوز القول عن الأنبياء أنهم كانوا قبل الوحي على الكفر ؛بل كانوا طيلة حياتهم على الإيمان بالله .وفي المراد بالكتاب والإيمان أقوال كثيرة ،أظهرها أنك يا محمد كنت من قوم أميين لا يعرفون الكتاب ولا الإيمان .وذلك برهان على أنه لم يأخذ منهم ما جاءهم به عن أحد منهم .وقيل: المراد بالكتاب القرآن .وأما الإيمان فيراد به تفاصيل الشرائع .وقيل: دين الإسلام .
قوله:{وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} أي جعلنا القرآن نورا وضياءً يستدل العباد بكماله وجماله وإعجازه وما حواه من عظيم المعاني والأخبار والحجج – على وحدانية الله وإنه الواحد الخالق المقتدر ،فيهتدي به من عبادنا من وفَّقناه للهداية والإيمان والسداد .
قوله:{وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي إنك يا محمد لتدعو الناس إلى صراط الله المستقيم وهو دينه القويم الذي لا زيغ فيه ولا عوج وهو الإسلام .