قوله تعالى:{ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون 26 ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون 27 فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة بل ضلوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون} .
{إن} تحتمل وجهين .أحدهما: أنها زائدة .وتقدير الكلام: ولقد مكناهم فيما مكناكم فيه .وثانيهما: أنهما: أنها بمعنى ما ،النافية .أي ولقد مكناهم في الذي ما مكناكم فيه من المال والسعة وقوة الأبدان وطول الأعمار .وهذا المعنى أظهر .
قوله:{وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة} يعني أنعمنا عليهم بأسباب التأمل والاعتبار والنظر فما آمنوا ولا اتعظوا .فقد وهبناهم السمع ليستمعوا الذكر والموعظة .ووهبناهم الأبصار ليروا آيات الله في الآفاق وفي الحياة ليستيقنوا .ووهبناهم العقول ليتفكروا ويتدبروا ويوقنوا أن الله حق .وهبناهم ذلك كله ليؤمنوا ويعتبروا ويزدجروا لكنهم صرفوا كل هذه القوى في طلب اللذات والشهوات فما أغنى عنهم ما وهبناهم من عذاب الله شيئا{إذ كانوا يجحدون بآيات الله} وذلك تعليل لعدم استفادتهم من القوى المذكورة ،أي لم يغن عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم ،لأنهم كانوا يجحدون بآيات الله .
قوله:{وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون} كانوا يسخرون من العذاب الذي توعدهم به نبيهم فنزل بهم ما كانوا به ،وهو العذاب ،وفي ذلك تخويف لهؤلاء المشركين أن يصيبهم مثل ما أصاب قوم عاد من العذاب .