والعبرة من هذه القصة موجهة إلى كفار مكة الذين كانوا يقفون ضد الرسول والرسالة ،انطلاقاً من القوّة المالية والاجتماعية التي يستعملونها في تأكيد سيطرتهم .{وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ} وأعطيناهم من القوّة البدنية{فِيما إِن مَّكنَّاكُمْ فِيهِ} أي ما لم نمكّنكم فيه ،فليست لكم القوة التي كانت لديهم ،{وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً} يهتدون بها إلى حقائق الأشياء ،ولكنهم عطَّلوا أسماعهم ،بصمّ آذانهم عن نداء الحق ،وجمَّدوا أبصارهم ،بغضّها عن رؤية آيات الله في الكون وفي أنفسهم ،وأغلقوا أفئدتهم عن الحق ،وابتعدوا بعقولهم عن التفكير في دعوة الرسل لهم إلى عبادة الله الواحد ،{فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله} ،وكان وجود هذه الحواس كعدمها ،لأنهم لم يستعملوها في اكتشاف عظمة الله للوصول إلى الإيمان بوحدانيته ،{وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئونَ} من عذاب الله في الدنيا ،في ما استعجلوه منه .