{ ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه} أي مكنا عادا ،وآتيناهم من كثرة الأموال ،وقوة الأجسام ،فيما لم نمكنكم فيه من الدنيا .على أنَّ ( إن ) نافية ،أوثرت على ( ما ) لئلا توجب شبه التكرير الثقيل .وقيل ( إن ) شرطية محذوفة الجواب .والتقدير:ولقد مكناهم في الذي ،أو في شيء ،إن مكناكم فيه كان بغيكم أكثر .وقيل:هي صلة كما في قوله:{[6570]}
يرجّى المرء ما إن لا يراه *** ويعرض دون أدناه الخطوب
/قال الزمخشري:والوجه هو الأول .ولقد جاء عليه في غير آية في القرآن{[6571]}{ هم أحسن أثاثا ورءيا}{[6572]}{ كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا} وهو أبلغ في التوبيخ ،وأدخل في الحث على الاعتبار .
قال الناصر:واختص بهذه الطائفة قوله تعالى:{[6573]}{ وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة} وقوله:{[6574]}{ مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم} أي:والأصل توافق المعاني في الآي الواردة في نبأ واحد ،على ما فيه أيضا من سلامة الحذف والزيادة .
{ وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة} قال الطبري:{[6575]} أي جعلنا لهم سمعا يسمعون به مواعظ ربهم ،وأبصارا يبصرون بها حجج الله ،وأفئدة يعقلون بها ما يضرهم وينفعهم ،{ فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء} أي لأنهم لم يستعملوها فيما خلقت له ،بل في خلافه{ إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون} أي من العذاب .
قال الطبري:{[6576]} وهذا وعيد من الله عز وجل ثناؤه ،لقريش .يقول لهم:فاحذروا أن / يحل بكم من العذاب على كفركم بالله ،وتكذيبكم رسله ،ما حلّ بعاد ،وبادروا بالتوبة قبل النقمة .
لطيفة:
قال الشهاب:أفرد السمع في النظم ،وجمع غيره ،لاتحاد المدرك به ،وهو الأصوات ،وتعددت مدركات غيره ،ولأنه في الأصل مصدر ،أيضا مسموعهم من الرسل متحد .