قوله تعالى:{وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ( 116 ) إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} .
ذلك إخبار من الله عن أهل الأرض ،أن أكثرهم ضالون .ويؤيد هذه الحقيقة قوله تعالى:{وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} فذلك تحذير من طاعة هؤلاء الضالين المضلين من أكثر البشرية .فإن طاعتهم تفضي إلى معصية الله ومجانبة أمره والركون إلى الهوى والشهوات .لا جرم أن اتباع المفسدين والأشرار من البرية سيؤول إلى الصدوف عن منهج الله والسقوط في وهدة الكفر والعصيان .وما ينبغي على المسلمين في كل زمان إلا الحذر من مطاوعة المفسدين من أهل الأهواء والضلال صونا وتنجية لأنفسهم من الوقوع في غضب الله وسخطه حيث النار وبئس القرار .
وقوله:{إن يتبعون إلا الظن} أي ما يتبع هؤلاء المشركون في عبادتهم ومقاصدهم وتصوراتهم إلا الظن الذي ليس له أصل من الحق أو اليقين .وإنما هو الشك القائم على الخطأ والحسبان وذلك لا يغني من الحق شيئا .
قوله:{وإن هم إلا يخرصون} يخرصون أي يكذبون .وذلك من الخرص بسكون الراء ومعناه الكذب وكل قول بالظن .والخراص الكذاب .تخرّص ،أي كذب{[1257]} والمعنى أن هؤلاء المشركين المضلين ما هم إلا يكذبون في مقالاتهم وأحاديثهم وعباداتهم .وهم كذلك كاذبون واهمون في تصوراتهم وفيما يحسبونه صوابا .