قوله تعالى:{قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون} روي في سبب نزول هذه الآية أن الكفار قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ارجع يا محمد إلى ديننا واعبد آلهتنا واترك ما أنت عليه ونحن نتكفل لك بكل تباعة ( تبعة ) تتوقعها في دنياك وآخرتك ،والاستفهام للإنكار والتوبيخ .وغير الله ،منصوب مفعول{أبغي} ربا منصوب على التمييز{[1334]} .أي قل لهؤلاء المشركين الضالين الذين يتبعون الباطل ويسيرون في طريق الشيطان: أأطلب سوى الله ربا{وهو رب كل شيء} أي وهو مالك كل شيء .وهو الذي خلقكم وما تعبدون من الآلهة المصطنعة ؟!ألمثل شركائكم الصم أدين بالعبادة والخضوع بدلا من عبادة الله وحده والخضوع له دون سواه ؟!هل يليق بذي عقل ووعي وبصيرة أن يدبر عن عبادة الله وحده ليتوجه صوب أوثان مختلفة أو أصنام بلهاء من الحجر أو المدر ثم يذر التوجه لله الخالق البديع الديان ؟!
قوله:{ولا تكسب كل نفس إلا عليها} أي أن ما كسبته كل نفس من الخطايا والمعاصي إن هو إلا عليها ولا يتجاوزها إلى غيرها .ولا يؤاخذ به أحد سواها .
قوله:{ولا تزر وازرة وزر أخرى} تزر أي تحمل ،من الوزر وهو الثقل والإثم وسمي السلاح وزرا لثقله .وكذلك سمي الوزير بهذا الاسم ،لأنه يحمل ثقل التدبير عن الملك أو الأمير .ومنه الوزارة بالكسر{[1335]} والمراد به هنا الإثم أو الذنب .والمعنى أنه لا تؤاخذ نفس آثمة نفس أخرى .أي لا تؤاخذ نفس بذنب غيرها بل كل نفس مأخوذة بخطيئتها فتعاقب بها .
قوله:{ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون} ذلك وعيد شديد من الله للناس الذين ضلوا وفسقوا عن أمر الله واتبعوا خطوات الشيطان فإن مردهم إلى الله في اليوم الموعود .وهنالك ينبئهم الله بأعمالهم التي كانوا عليها في الدنيا ،وبأحوالهم من الشرك على اختلاف صوره وأشكاله .إذ كان منهم الوثنيون ،ومنهم المجوس ومنهم الزنادقة وأهل الضلال ،ومنهم أهل الكتاب الذين حرفوا دينهم تحريفا{[1336]} .