قوله:{فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبوب كل شيء} نسوا بمعنى تركوا .أي تركوا ما ذكروا به مما دعاهم إليه رسل الله فلم يتعظوا ولم يصدقوا بل انهمكوا في المعاصي والآثام وفعل المنكرات .ولم يعبأوا بما نزل بهم من البأساء والضراء .وعقيب ذلك فتح الله عليهم أبواب كل شيء من النعم الكثيرة كالرخاء والرغد والسعة على سبل الاستدراج للظالمين الغافلين السادرين في الغي والظلم والشهوات .وذلك وجه من وجوه الفتنة الكبيرة التي تنشد إليها قلوب الكثير من البشر ممن تستهويهم المغريات والشهوات ،وتستذلهم مطامع الدنيا الكثيرة فيهبطون منتكسين في ذلة وخور .حتى كانوا ضالعين في الإعراض والغواية والملذات أتاهم العذاب من حيث لم يحتسبوا .
قوله:{حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذنهم بغتة فإذا هم مبلسون} أي فرحوا بطرا ،وظنوا أن ما أتوه من الخير والعطاء الجزيل لا يغني ولا يبيد وأنه كان باستحقاقهم .عندئذ على غرة ومن غير أمارة أو قرينة مقدمة .ولا يخفى أن الإهلاك وإنزال النقمة على حين غفلة أو غرة من الظالمين لهو أشد نكاية وإيلاما .فضلا عن كون ذلك جائيا بعد رخاء وسعة من العيش الراغد .
قوله:{فإذا هم مبلسون} من البلس ،بالتحريك: من لا خير فيه .والإبلاس وهو الإنكار والحزن واليأس .وأبلس بمعنى يئس وتحير ومنه إبليس .والملبس ،الذي انقطع رجاؤه .والمبلسون ،الآيسون من كل خير{[1164]} .