قوله:{ودوا لو تدهن فيدهنون} تدهن من الإدهان والمداهنة .وهي المصانعة أو المواربة{[4596]} يعني: ود المشركون لو تصانعهم في دينك يا محمد فيصانعونك في دينهم .أو ودوا لو تعبد آلهتهم مدة من الوقت ليعبدوا إلهك مدة .فقد طلب المشركون من النبي صلى الله عليه وسلم أن يداهنهم أو يصانعهم في دين الله ،فيتخلى عن بعضه ليتخلوا هم عن بعض دينهم .وذلك هو اللين أو المصانعة والمجاملة للكافرين على حساب دين الله .وذلك هو ديدن الكافرين وأعوانهم في كل زمان .فهم يودون أن يداهنهم دعاة الإسلام ليكفوا عن الدعوة إلى دين الله ،أو لينكفّوا ويجحموا عن بعض قواعده وأحكامه ،ومنها قضايا السياسة والجهاد وغير ذلك من قضايا الأحوال الشخصية ،أو رفض المفاصلة الواضحة بين عقيدة التوحيد الخالص وغيره من ملل الهوى والشرك .
فما يجوز لمسلم البتة أن يلاين الكافرين أو يداهنهم ،فينكفّ عن شيء من أحكام الإسلام ،ليرضى عنه الكافرون الظالمون وأعوانهم من المتمالئين ،وإنما يبتغي المسلم في كل الأحوال مرضاة الله وحده ،فهو بذلك لا يرتضي بغير منهج الله وشرعه بديلا ،ويأبى التنازل عن شيء من أحكامه مهما قل .