قوله تعالى:{وإذ قالت أمة منهم ولم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون 164 فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون 165 فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين} الأمة ،هنا بمعنى الجماعة .وهو في اللفظ واحد وفي المعنى جمع .وكل جنس من الحيوان أمة{[1557]} .وفي الحديث: ( لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقلتها كلما ،فاقتلوا منها الأسود البهيم ) رواه أبو داود والترمذي عن هبد اله بن مغفل .حديث صحيح .والبهيم ،الذي لا يخلط لونه شيء سوى لونه ،والجمع بهم{[1558]} .وفي تأويل الآية قال جمهور المفسرين: إن بني إسرائيل افترقت ثلاث فرق: فرقة عصت أمر ربها وصادت السمك وكانوا نحوا من سبعين ألفا ،وفرقة نهت واعتزلت ،وكانوا ألفا .وفرقة اعتزلت ولم تنه ولم تعص .وأن هذه الطائفة قالت للناهية:{ولم تعظون قوما} –أي الفرقة العاصية-{الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا} بسبب فسقهم وعصيانهم ؟فقالت الناهية:{معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون} معذرة ،بالنصب على أنه مفعول لأجله .وبالرفع على أنه مبتدأ محذوف .وتقديره: موعظتنا معذرة{[1559]} و{معذرة إلى ربكم} ،أي موعظتنا إبلاء إلى الله ،ولئلا ننسب في النهي عن المنكر إلى بعض التفريط{ولعلهم يتقون} أي ولطعمنا في أن يتقوا الله فينتهوا عن عصيانه .ولما وقع غضب الله على الطائفة الفاسقة العاتية ،نجت الطائفتان الأخريان اللتان قالوا:{لم تعظون قوما الله مهلكهم} ،والذين قالوا:{معذرة إلى ربكم} ،وأهلك الله الذين عصوه وفسقوا عن أمره وصادوا الحيتان ؛فمسخهم قردة وخنازير .