قوله:{ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها} نهى الله عن عموم الفساد في الأرض بعد أن شاعت فيها كلمه الحق والعدل وشاع فيها الإيمان والأمن والخير والاستقرار وكل وجوه الصلاح الذي يرسخ بأمر الله وبدينه العظيم الرحيم .
على أن وجوه الإفساد كثيرة يأتي في أشدها وأنكرها الإشراك بالله .لا جرم أن الإشراك بالله غاية الإجرام والإفساد في الأرض .وكذلك وجوه العصيان وارتكاب المحظورات وإشاعة الأذى والمنكر في البلاد بما يؤذي الناس ويضر بالعباد .
قوله:{وادعوا خوفا وطمعا} أي عبدوا الله ،وأطيعوه بكل وجوه الطاعة ،وتذللوا له خاشعين بالدعاء أن يدرأ عنكم العذاب ،وأن يتفضل عليكم برحمته وجزيل ثوابه .
قوله:{إن رحمت الله قريب من المحسنين} قريب مذكورة بالتذكير على النسب ؛أي ذات قرب ؛كقولهم: امرأة طالق وطامث وحائض ؛أي ذات طلاق وطمث وحيض .وقيل غير ذلك{[1434]} .وتأويل الآية: أن رحمة الله قد كتبها لمن أطاعوه فاتبعوا أوامره واجتنبوا زواجره .إن هؤلاء المؤمنين المطيعين ينالون من الله رحمته التي وسعت كل شيء .ورحمة اله بفيضها الغامر الواسع تشمل كل معاني الخير والفضل والإحسان والعطاء الكريم .وذلك ما أعده الله بعباده الصالحين يوم القيامة{[1435]} .