ولا تفسِدوا في الأرض بإشاعة المعاصي والعدوان ،بعد أن أصلحها الله بما خلق فيها من المنافع وما هدى الناس إليه من الاستغلال .
والإفساد هنا شامل لإفساد العقول والعقائد والآداب الشخصية ،والاجتماعية من جميع وجوهها .
وبعد أن بيّن في الآية الأولى كيفيّةَ الدعاءِ أعاد الأمر به في الآية الثانية .وذلك إيذاناً بأنَّ من لا يعرف أنه محتاج إلى رحمة ربه ،ولا يدعو ربه تضرّعاً وخفية - يكون أقربَ إلى الإفساد منه إلى الإصلاح فقال:
{وادعوه خَوْفاً وَطَمَعاً} .ادعوه سبحانه خائفين من عقابه ،طامعين في ثوابه .ثم إنه بيّن فائدة الدعاء وعلّل سبب طلبه فقال:{إِنَّ رَحْمَةَ الله قَرِيبٌ مِّنَ المحسنين} ،إن رحمته قريبة من كل محسِن ،وهي أكيدةٌ محققة .والجزاء من جنس العمل ،فمن أحسن في عبادته نال حُسن الثواب ،ومن أحسن في الدعاء نال خيراً مما طلب .وقريب ( فعيل ) يوصف بها المذكر والمؤنث .