شرح الكلمات:
{قوامون}: جمع قوام: وهو من يقوم على الشيء رعاية وحماية وإصلاحاً .
{بما فضل الله بعضهم}: بأن جعل الرجل أكمل في عقله ودينه وبدنه فصلح للقوامة .
{وبما أنفقوا من أموالهم}: وهذا عامل آخر مما ثبتت به القوامة للرجال على النساء فإن الرجل بدفعه المهر وبقيامه بالنفقة على المرأة كان أحق بالقوامة التي هي الرئاسة .
{الصالحات}: جمع صالحة: وهي المؤدية لحقوق الله تعالى وحقوق زوجها .
{قانتات}: مطيعات لله ولأزواجهن .
{حافظات للغيب}: حافظات لفروجهن وأموال أزواجهن .
{نشوزهن}: النشوز: الترفع عن الزوج وعد طاعته .
{فعظموهن}: بالترغيب في الطاعة والتنفير من المعصية .
{فلا تبغوا عليهن سبيلاً}: أي لا تطلبوا لهن طريقاً تتوصلون به إلى ضربهن بعد أن أطعنكم .
المعنى:
يروى في سبب نزول هذه الآية أن سعد بن الربيع رضي الله عنه أغضبته امرأته فلطمها فشكاه وليها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يريد القصاص فأنزل الله تعالى هذه الآية{الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ،وبما أنفقوا من أموالهم} فقال وليّ المرأة أردنا أمراً وأراد الله غيره ،وما أراده الله خير .ورضي بحكم الله تعالى وهو أن الرجل ما دام قواماً على المرأة يرعاها ويربيها ويصلحها بما أوتي من عقل أكمل من عقلها ،وعلم أغزر من علمها غالباً وبُُعد نظر في مباديء الأمور ونهاياتها أبعد من نظرها يضاف إلى ذلك أنه دفع مهراً لم تدفعه ،والتزم بنفقات لم تلتزم هي بشيء منها فلما وجبت له الرئاسة عليها وهي رئاسة شرعية كان له الحق أن يضربها لما لا يشين جارحة أو يكسر عضواً فيكون ضربه لها كضرب المؤدب لمن يؤدبه ويربيه وبعد تقرير هذا السلطان للزوج على زوجته أمر الله تعالى بإكرام المرأة والإِحسان إليها والرفق بها لضعفها وأثنى عليها فقال:{فالصَّالحاتُ} ،وهن: اللائي يؤدين حقوق الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ،وحقوق أزواجهن من الطاعة والتقدير والاحترام{قَانِتَات}: أي مطيعات لله تعالى ،وللزوج ،{حافِظاتٌ للغَيْبِ} أي حافظاتٌ مالَ الزوج وعرضه لحديث:"وإذا غاب عنها حفظته في نفسها وماله"{بما حَفِظَ الله} أي بحفظ الله تعالى لها وإعانته لها إذ لو وكلت إلى نفسها لا تستيطع حفظ شيء و إن قَل .وفي سياق الكلام ما يشير إلى محذوف يفهم ضمناً وذلك أن الثناء عليهن من قبل الله تعالى يستوجب من الرجل إكرام المرأة الصالحة والإحسان إليها والرفق بها لضعفها ،وهذا ما ذكرته أولا نبهت عليه هنا ليعلم أنه من دلالة الآية الكريمة ،وقد ذكره غير واحد من السلف .
وقوله تعالى:{واللاتي تخافون نشوزهن فعظموهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم ،فلا تبغوا عليهن سبيلاً} .
فإنه تعالى يرشد الأزواج إلى كيفية علاج الزوجة إذا نشزت أي ترفعت على زوجها ولم تؤدي إليه حقوقه الواجبة له بمقتضى العقد بينهما ،فيقول{واللائي تخافون نشوزهن} أي ترفُعن بما ظهر لكم من علامات ودلائل كان يأمرها فلا تطيع ويدعوها فلا تجيب وينهاها فلا تنتهي ،فاسلكوا معهن السبيل الآتي:{فعظموهن} أولاً ،والوعظ تذكيرها بما للزوج عليها من حق يجب أداؤه ،وما يترتب على إضاعته من سخط الله تعالى وعذابه ،وبما قد ينجم من إهمالها في ضربها أو طلاقها فالوعظ ترغيب بأجر الصالحات القانتات ،وترهيب من عقوبة المفسدات العاصيات فإن نفع الوعظ فيها وإلا فالثانية وهي أن يهجرها الزوج في الفراش فلا يكلمها وهو نائم معها على فراش واحد وقد أعطاها ظهره فلا يكلمها ولا يجامعها وليصبر على ذلك حتى تؤوب إلى طاعته وطاعة الله ربهما معاً و إن أصرت ولم يجد معها الهجران في الفراش ،فالثالثة وهي أن يضربها ضرباً غير مبرح لا يشين جارحة ولا يكسر عضواً .وأخيراً فإن هي أطاعت زوجها فلا يحل بعد ذلك أن يطلب الزوج طريقاً إلى أذيّتها لا بضرب ولا بهجران لقوله تعالى:{فإن أطعنكم} أي الأزواج{فلا تبغوا} أي تطلبوا{عليهن سبيلاً} لأذيتهنّ باختلاق الأسباب وإيجاد العلل والمبررات لأذيتهنّ .وقوله تعالى:{إن الله كان علياً كبيراً} تذييل للكلام بما يشعر من أراد أن يعلو على غيره بما أوتي من قدرة بأن الله أعلى منه وأكبر فليخش الله وليترك من علوه وكبريائه .
هذا ما تضمنته هذه الآية العظيمة ( 34 ) .
الهداية
من الهداية:
- تقرير مبدأ القيومية للرجال على النساء وبخاصة الزوج على زوجته .
- وجوب إكرام الصالحات والإحسان إليهن .
- بيان علاج مشكلة نشوز الزوجة وذلك بوعظها أولا ثم هجرانها في الفراش ثانيا ،ثم بضربها ثالثا .
- لا يحل اختلاق الأسباب وإيجاد مبررات لأذية المرأة بضرب وبغيره .