ما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله
وهذا حديثٌ عن موقف هؤلاء الذين يحكمون بما لا يعلمون من دون حجّةٍ ولا برهان ،في ما واجهوا به الرسول من تحدٍّ وكفران ،وما قابلوا به القرآن من افتراءات .وهو حديث عن الأسلوب الذي ينبغي للرسول ،ولمن كان سائراً في خط الدعوة ،أن يواجه به هذا الموقف السلبيّ المضادّ ،وعن الروحيّة التي يعيشها في داخل انفعالاته أمام حالات التحدي ،فلا يسمح للمشاعر بالاهتزاز ،ولا للموقف بالانفعال ،بل يبقى له العقل الهادىء ،والأسلوب المتّزن ،والموقف الثابت الذي يواجه الهدف بثقةٍ واطمئنان .
القرآن لا يمكن أن يفتريه بشر
{وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللَّهِ} لأن دراسة آياته في ما تحمل من فكر أو تتميز به من أسلوب ،وكذلك دراسة شخصية الرسول في صدقه وعمق أمانته ،لا تسمح بهذا الاحتمال ،بل إنّ فيه ملامح الصدق التي تدلّ على أنه يمثِّل الحقيقة المعصومة النازلة من الله ،فإن مقارنته بالكتب الإِلهية التي جاء بها الرسل السابقون وملاحظة هذا التوافق بينه وبينها ،ما يجعله مصدّقاً لما بين يديه منها ،يؤكّد ذلك ،كما جاء في قوله تعالى{وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ} الذي خطط لكل قضايا الحياة ومسؤولياتها ،ليكون الإنسان على بصيرة من أمره ،في ما يواجهه في مستقبل حياته كلها ،{لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} لأنه يجيب على كل علامات الاستفهام المضادّة ،فلا يبقى مجالٌ للشك أو للريبة بأنه الكتاب الصادق الموحى به من رب العالمين .