القول في تأويل قوله تعالى:وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره:ما ينبغي لهذا القرآن أن يفترى من دون الله، يقول:ما ينبغي له أن يتخرَّصه أحد من عند غير الله. (11) وذلك نظير قوله:وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ[سورة آل عمران:161] ، (12) بمعنى:ما ينبغي لنبي أن يغلَّه أصحابُه.
وإنما هذا خبرٌ من الله جل ثناؤه أن هذا القرآن من عنده، أنـزله إلى محمد عبده، وتكذيبٌ منه للمشركين الذين قالوا:"هو شعر وكهانة "، والذين قالوا:"إنما يتعلمه محمد من يحنّس الروميّ". (13)
يقول لهم جل ثناؤه:ما كان هذا القرآن ليختلقه أحدٌ من عند غير الله، لأن ذلك لا يقدر عليه أحدٌ من الخلق ، (ولكن تصديق الذي بين يديه)، أي:يقول تعالى ذكره:ولكنه من عند الله أنـزله مصدِّقًا لما بين يديه، أي لما قبله من الكتب التي أنـزلت على أنبياء الله ، كالتوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله التي أنـزلها على أنبيائه ، (وتفصيل الكتاب) ، يقول:وتبيان الكتاب الذي كتبه الله على أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وفرائضه التي فرضها عليهم في السابق من علمه ،يقول:(لا ريب فيه) لا شك فيه أنه تصديق الذي بين يديه من الكتاب وتفصيل الكتاب من عند رب العالمين، لا افتراءٌ من عند غيره ولا اختلاقٌ. (14)
----------------------
الهوامش:
(11) انظر تفسير "الافتراء "فيما سلف من فهارس اللغة ( فرى ) .
،وتفسير "ما كان "فيما سلف 7:353 / 14:509 - 514 ، 561 ، 565 .
(12) هذه قراءة أهل المدينة والكوفة ، بضم الباء وفتح العين ، بالبناء للمجهول ، وهي غير قراءتنا في مصحفنا . وقد سلف بيانها وتفسيرها واختلاف المختلفين فيها فيما سلف 7:353 ، 354 . وانظر معاني القرآن للفراء 1:464 .
(13) في المطبوعة:"يعيش الرومي "، وأثبت ما في المخطوطة ، وذاك تصرف لا خير فيه .
(14) انظر تفسير "التفصيل "فيما سلف ص:57 ، تعليق:1 ، والمراجع هناك .
،وتفسير "الريب "فيما سلف 14:459 ، تعليق:1 ، والمراجع هناك .
،وتفسير "العالمين "فيما سلف 13:84 ، تعليق:2 ، والمراجع هناك .