{أَجَلٌ}: الأجل: المدة المضروبة للشيء .
الضرر والنفع من الله
{قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ} فهو الذي يجلب لي النفع عندما يشاء ذلك ،وهو الذي يوقع الضرر بي عندما يشاء ذلك ،لأن الكون خاضع له بوجوده وتفاصيل حركته .ومن هنا لم يستطع النبي أن يحمي نفسه من غيب السوء الذي قد يحلّ به ،من خلال مواقع الغيب عند الله ،مما يعلمه الله ولا يعلمه هو ،كما لم يستطع أن يجلب لنفسه النفع ،من خلال أسرار الغيب ،في ما يصلح أمره أو يفسده .ويمكن أن يكون وزان هذه الآية وزان قوله تعالى:{وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ} [ الأعراف:188] .وبذلك يتناسب الجواب مع السؤال .
ثم أثار الحديث معهم حول القاعدة التي تحكم كل التفاصيل ،فليست هناك حالة خلودٍ لأيّة جماعة مهما كانت ،ولأيّة ظاهرة مهما عظمت ،فقد أقام الله الكون على أساس سنَّة طبيعيّة شاملة ،وهي أن لكل أمّةٍ أجلاً لا تتعداه ،مما تقتضيه طبيعتها الذاتيّة من عناصر الوجود الطبيعيّة ،أو مما تفرضه العوامل الخارجيّة الطارئة ،فلا مجال لأن تنقص منه ،أو تزيد عليه ،في ما أراده الله للحياة أن تتحرك وتعيش .فإذا كان الأمر كذلك ،فلا بدّ لهم من انتظار الوقت الذي تنتهي عنده الحياة الخاصة والعامة الخاضعة للقانون العام الشامل ،القاضي بأن لكل موجودٍ نهاية ،أمّا متى يكون هذا ،وما هو موعده ؟فهو من الغيب الذي اختُصَّ الله بعلمه ،في كل الأمور المتعلقة بمشيّئته ،مما لا يعلمه الناس إلا من خلاله .
لكلّ أمةٍ أجل
{لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} فعليهم أن ينتظروا ذلك الاستحقاق في تفكيرهم الذاتي في مواجهتهم للأشياء ،ولا يتناولونه تناول اللاّمبالاة الذي يحاول أن يغرق في التفاصيل ليضيع معه المبدأ .ولا بدّ لهم من أن يدرسوا سنَّة الله في الأشياء من خلال التاريخ الذي عاشته الأمم السابقة التي ربما كانت أكثر منهم قوّةً وعدداً ،فانقضت عندما جاء أجلها ،لتفسح المجال لأممٍ أخرى من بعدها .وهكذا دواليك ،حتى جاء الدور الطبيعيّ لنا ،لننتظر ما انتظروه ،وليحلّ بنا ما حلّ بهم ،عند حلول الوقت المحتوم الذي تفرضه طبيعة الشيء ،أو الوقت المخروم الذي تقتضيه طبيعة الحالات الطارئة .ثم ماذا يعني هذا الإلحاح على تحديد الموعد واستعجاله ؟إن الإنسان يستعجل الموعد الذي ينتظر فيه الخير والسعادة والفلاح ،وهو الذي يعيش فيه المؤمنون الصالحون الذين آمنوا بالله وأطاعوه ،فاستحقوا ثوابه في ما وعد به المؤمنين المتقين ،أمّا هؤلاء المكذّبون العاصون ،فماذا ينتظرهم غير العذاب ،الذي يجعل من حياتهم هنا راحةً وأمناً وسعادة ،في مقابل ما ينتظرهم من تعب وخوفٍ