{الْعِزَّةَ}: شدة الغلبة .
الله يواسي نبيه
{وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} .كان المشركون يثيرون الكلام الجارح القاسي للعقيدة والاتهامات غير المسؤولة للنبي محمد( ص ) بالإضافة إلى ألفاظ السباب والشتائم ،وربما أثار هذا الجو الحزن في نفس النبي( ص ) ،ما قد يوحي بضعف الموقف الذي لا يملك الكثير من أدوات المواجهة ،وقد ينعكس على صورة الرسالة في الساحة وحركتها في الصراع ،ولكن الله أراد لنبيّه أن لا يستسلم لكل نوازع الضعف ومشاعر الحزن ،لأن كلمات الكفر لن تهزم الإيمان ،ما دام الإيمان يمثل الحقيقة التي تضرب جذورها بأعمق أعماق الحياة ،بينما يعيش الكفر الاهتزاز على السطح ،بعيداً عن أيِّ عمقٍ .ولذلك يقف الإيمان المنطلق من رحاب الله في خط المواجهة ليؤكد موقفه الصامد الذي يتحمل الآلام والجراح والمشاكل بقوّةٍ من موقع الوثوق بنصر الله ،والاطمئنان إلى رعايته وعنايته ،ما يجعل النتائج الإيجابيّة الحاسمة للمؤمنين في نهاية المطاف .ولذلك كانت التربية الإلهية للرسول( ص ) تؤكد على أن عليه أن يتطلع إلى نهايات الأمور في حركة الصراع ،لا أن يتطلع إلى بداياتها ،وأن يفكر بالآلام والمشاكل التي تواجهه كخطوةٍ متقدّمةٍ في طريق النصر ،لأن عملية التغيير تفرض المعاناة كشرطٍ موضوعيٍّ للنجاح ،وإذا كانت المعاناة حركةً روحيّةً داخليّةً في سبيل الله ،فإنها توحي للإنسان المؤمن بالفرح الروحي الذي تبتسم فيه الجراح ،وتصفق فيه الآلام ،وتتعمق فيه مشاعر القوّة التي تتصل آفاقها بالله القوي العزيز ،لتواجه التحديات التي يثيرها دعاة الشرك والكفر والضلال بالحقيقة القرآنية .
العزة لله جميعاً
{إِنَّ الْعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً} فهو الذي يملك الأمر كله ،ويملك وجودهم في ما يخططون ويثيرون من التهاويل ،فلا يملكون معه أيّ شيءٍ إلا بما شاء ،ولا يضرونه شيئاً ،لأنهم في المواقع التي تمثل الضعف كله ،في مواجهة العزّة الإلهية التي تمثل القوّة كلها ،ما يجعل له الغلبة في نهاية الأمر ،من خلال ما أجرى عليه سننه الكونيّة .{هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} الذي يسمع ما يقولون ويعلم ما يضمرون وما يكيدون ،فهم مكشوفون لديه ،لا يسترهم منه ساتر ،ولا يحميهم منه أيّ شيء .