{مُبْصِراً}: استعار الإبصار لليل والمعنى: مضيئاً .
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الَّليْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ} ولتخفِّفوا فيه من عناء التعب والجهد ،فتتجدّد لكم القوّة من خلاله ليوم عملٍ جديد ،ولولا ذلك لما استطعتم أن تنطلقوا بعيداً في حركة العمل في الحياة ،{وَالنَّهَارَ مُبْصِراً} مفتوح العيون على كل إشراقة نور ،لأنه يثير النور في كل أفق ينطلق فيه ،فيهديكم إلى سبل الحياة ،ويفتح أمامكم كل آفاق الحركة ،ويدلُّكم على كل منابع الرزق ومصادره ،ولولا ذلك لعشتم في ظلام مطبق لا تهتدون فيه ولا تبصرون{إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} لأن الإنسان الذي يعيش مسؤولية الكلمة التي يسمعها ،لا بدّ له من أن يتوقف عندها ولا يمرّ بها مرور الكرام ،لأنها قد تمثل الحقيقة في مدلولها العميق ،كما قد تمثل الباطل في إيحاءاتها العميقة ،فلا بد له من التفكير الواسع العميق الذي يعرّفه الحق من الباطل ،فلا يتردد ولا يتحيز ولا يضيع بين الاحتمالات المتنوّعة ،والكلمات المختلفة .وعندما يفكر هؤلاء في الله ،وفي ما خلق من الموجودات في السموات والأرض ،وما مهّده للإنسان من صنوف المعاش ووسائله ،وما يتلوه عليهم النبي من قرآن يؤكد لهم الحقائق الكونيّة الإيمانية ،فلا بد لهم من أن يلتقوا بحقيقة الإيمان ،ويعرفوا أن كل دعوات الشرك هي أضاليل وأوهام لا تثبت أمام النقد ،ولا تقف أمام الحوار .