ثم لتسألن يومئذ عن النعيم
{ثُمَّ لَتُسْألُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} في ما توحي به الكلمة من كل الخيرات التي أفاضها الله على الناس في الدنيا من كل ما يعيشون فيه مما يمثل ضرورات وجودهم ،ومن كل ما يقبلون عليه أو يستمتعون فيه مما يمثل حاجاتهم الحسيّة ،في ما يشتهون ويتلذذون ،ومن كل ما ينفتحون عليه من الأمور المعنوية التي تجلب لهم السعادة ،وتوحي لهم بالارتياح والطمأنينة والكرامة .فلكل واحد من هذه النعم المادية والمعنوية سؤالٌ طويلٌ ،لا يتصل بالنعمة نفسها في ما امتنّ به الله على الإنسان ؛بل يتصل بالمسؤولية التي تتحرك النعمة في داخلها في المضمون الشرعي للأفعال التي تلتقي بها ،وفي خارجها في النتائج التي تترتب عليها ،ليطيع الإنسان ربه في تحريكها في الدوائر التي حددها الله له ،فيستعملها في ما أعدت له في النظام الذي وضعه الله للحياة ،حيث تتحول المفردات العملية إلى مسؤوليات شرعية ،سواءٌ في ذلك النعم المادية التي جعل الله فيها حقوقاً للفرد والجماعة والحياة من حولهما ،أو النعم المعنوية المتمثلة في الحياة والعلم والإرادة والرسالة التي أنزلها الله على رسله ،مما أراد للخلق أن يتحملوا مسؤوليته في ما يحركونه في نفع الناس فيها ،وفي ما يلتزمونه من السعي إلى بناء الحياة على خط طاعة الله ورضاه من خلالها .وهذا هو السؤال الكبير الذي يتوجّه إلى الناس ليحدِّد جوابهم مصيرهم نحو الجنة أو النار .