8- ثم لتسألنّ يومئذ عن النعيم .
أي: ثم لتسألن يومئذ عن شكر نعمة الله عليكم ،من العافية والرزق والحياة والعقل وسائر النّعم ،حتى الشربة الباردة في اليوم الحار .
ومعروف أن شكر النعمة هو استخدامها فيما خلقها الله له ،فشكر المال صلة الرحم وعمل الخير ،وشكر نعمة النظر غض البصر عن المحارم ،والتأمل في كتاب الله وفي خلق الكون .
قال الشيخ محمد عبده في تفسير جزء عمّ ما يأتي:
ثم لتسألنّ يومئذ عن النعيم .
أي: إن هذا النعيم الذي تتفاخرون به ،وتعدّونه مما يباهي به بعضكم بعضا ،هو مما لا بد أن تسألوا عنه: ماذا صنعتم به ؟هل أديتم حق الله فيه ،وراعيتم حدود أحكامه في التمتع به ؟فإن لم تكن الحقوق أدّيت ،ولم تكن الأحكام روعيت ،كان هذا النعيم غاية الشقاء في دار البقاء .
نسأل الله أن يوفقنا لرعاية أحكامه فيما أنعم به علينا .اه .
من هدي السّنة
روى البخاري في صحيحه ،والترمذي في سننه ،عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ )vi .
ومعنى هذا أنهم مقصّرون في شكر هاتين النعمتين ،لا يقومون بواجبهما ،ومن لا يقوم بحق ما وجب عليه فهو مغبون .
وقال ابن عباس:
ثم لتسألنّ يومئذ عن النعيم .
قال: النعيم صحة الأبدان والأسماع والأبصار ،يسأل الله العباد فيم استعملوها ،وهو أعلم بذلك منهم ،وهو قوله تعالى:
إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا . vii .( الإسراء: 36 ) .