ولكن هذا الولد الضال العاقّ لم يلتفت إلى نداء أبيه ،لأنه يعيش التمرُّد ضد رسالته ،أوّلاً ،ولأنه لم يعرف طبيعة هذا الطوفان ،ثانياً ،{قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَآءِ} ظناً منه بأنه سينجو ،لأن ارتفاع الماء إلى أعالي الجبل ليس أمراً طبيعياً ،{قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ} لأن القضية أبعد من الوضع الطبيعي المعتاد لصورة الفيضان عند الناس ،فالمسألة مسألة غضب الله الذي أراد تدمير كل مظاهر الحياة الكافرة للبشرية ،على الأرض ،{وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ} وأبوه ينظر إليه في حسرة ولهفة ،ولكنها ليست حسرة الأب الذي يفقد ولده في الدنيا ،بل هي حسرة الأب الذي يفقده في الدنيا والآخرة .