فصلت جملة{ قال سآوي} وجملة{ قال لا عاصم} لوقوعهما في سياق المحاورة .
وقوله:{ سآوي إلى جبل} قد كان قبل أن يبلغ الماء أعالي الجبال .و ( آوي ): أنزل ،ومصدره: الأوِيّ بضم الهمزة وكسر الواو وتشديد الياء .
وجملة{ يعصمني من الماء} إمّا صفة ل ( جبل ) أي جبل عال ،وإمّا استيناف بياني ،لأنّه استشعر أن نوحاً عليه السّلام يسأل لماذا يأوي إلى جبل إذ ابنه قد سمعه حين ينذر الناس بطوفان عظيم فظن الابن أن أرفع الجبال لا يَبلغه الماء ،وأنّ أباه ما أراد إلا بلوغ الماء إلى غالب المرتفعات دون الجبال الشامخات .
ولذلك أجابه نوح عليه السّلام بأنّه{ لا عاصم اليوم من أمر الله} ،أي مأموره وهو الطوفان{ إلاّ مَن رحم} .
واستثناء{ مَن رحم} من مفعول يتضمنه ( عَاصم ) إذ العاصم يَقتضي معصوماً وهو المستثنى منه .وأراد ب{ من رحم} من قدّر الله له النجاة من الغرق برحمته .وهذا التقدير مظهره الوحي بصنع الفلك والإرشاد إلى كيفية ركوبه .
والموج: اسم جمع مَوجة ،وهي: مقادير من مَاء البحر أو النهر تتصاعد على سطح الماء من اضطراب الماء بسبب شدة رياح ،أو تزايد مياه تنصبُّ فيه ،ويقال: مَاجَ البحر إذا اضطرب ماؤه .وقالوا: مَاجَ القوم ،تشبيهاً لاختلاط النّاس واضطرابهم باضطراب البحر .
وحيلولة الموج بينهما في آخر المحاورة يشير إلى سرعة فيضان الماء في حين المحاولة .
وأفاد قوله:{ فكان من المغرقين} أنه غرق وغرق معه من توعّده بالغرق ،فهو إيجاز بديع .