{فَكِيدُونِي جَمِيعًا} إذا كنتم تملكون قوّة الكيد لي والتآمر عليّ ،بأنواع الضغوط المختلفة القاهرة{ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ} أي لا تمهلوني لحظةً واحدةً ،وتلك هي ذروة التحدّي الرساليّ الصادق القويّ الذي يقف فيه النبيّ وحده أمام القوى الكافرة ليقول لهم:{فَكِيدُونِى جَمِيعًا} فيتصاغرون أمامه ولا يستطيعون مواجهة التحدي بمثله ،مما يوحي بأن الإنسان الذي يستمد قوته من ربّه ومن عناصر القوّة في شخصيته ،ثم يقف أمام الناس ،ليثير أمامهم حقيقة ذلك بتصميم ،يستطيع أن يهزم موقف الآخرين ويدخل الرعب فيهم .
المؤمنون والحرب النفسية
وهذا ما يحتاجه الدعاة والمجاهدون في سبيل الله ،من استثارة الإحساس بالقوة الفاعلة في داخلهم ،لينطلقوا منها في مواجهة من يحاولون استعراض عضلاتهم وتوظيف ذاك الاستعراض في حرب الأعصاب ،ليهزموا المؤمنين نفسياً قبل الدخول في المعركة الفاصلة ،ولذلك فإن من المفروض على العاملين أن يقتحموا الساحة بأسلحة الحرب النفسية ،وذلك بالأعلان عن القوّة الروحية القادرة على الثبات والاستمرار في حمل الرسالة والجهاد في سبيلها لتبقى للموقف قوته ،وللرسالة دورها في حركة الحياة ،في وعي الأعداء والأصدقاء معاً ،وفي تعميق إحساس الدعاة بهذا الإمداد الروحي الذي يعيشه المؤمن مع شعوره بالاستسلام الكلّي لله ورعايته ،فلا يشعر بالضعف أمام الآخرين ،ولا بالخوف أمام المجهول ،كنتيجة للتوكل في العقيدة .