ما صدق الموصول الأصنام ،كما دل عليه ضمير الجمع المؤكّدُ في قوله:{ فكيدوني جميعاً} .ولما كانت البراءة من الشركاء تقتضي اعتقاد عجزها عن إلحاق إضرار به فرع على البراءة جملة{ فكيدوني جميعاً} .وجعل الخطاب لقومه لئلا يكون خطابه لما لا يعقل ولا يسمع ،فأمر قومه بأن يكيدوه .وأدخل في ضمير الكائدين أصنامهم مجاراة لاعتقادهم واستقصاء لتعجيزهم ،أي أنتم وأصنامكم ،كما دل عليه التفريع على البراءة من أصنامهم .
والأمر ب ( كيدوني ) مستعمل في الإباحة كناية عن التعجيز بالنسبة للأصنام وبالنسبة لقومه ،كقوله تعالى:{ فإن كان لكم كيدٌ فكيدون}[ المرسلات: 39] .وهذا إبطال لقولهم:{ إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء} .
و{ ثم} للتراخي الرتبيّ ؛تحدّاهم بأن يكيدوه ثم ارتقى في رتبة التعجيز والاحتقار فنهاهم عن التأخير بكيدهم إياه ،وذلك نهاية الاستخفاف بأصنامهم وبهم وكناية عن كونهم لا يصلون إلى ذلك .