استكمال الحجة
ويستكمل هود حجته عليهم في نهاية المطاف ،{فَإِن تَوَلَّوْاْ} أي إن تتولّوا وتعرضوا عن الإيمان بالرسالة ،فهذا شأنكم ومسؤوليتكم التي تتحملونها تجاه مصيركم الذي عرَّفتُكم سلبيّاته وإيجابياته على مستوى الكفر والإيمان ،وبذلك فقد أدّيت ما عليّ ،وألقيتُ عليكم الحجّة من الله ،{فَقَدْ أَبْلَغْتُكمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ} ولم أدّخر جهداً ،على مستوى المضمون والأسلوب ،{وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ} فلستم أوّل الكافرين ،ولستم آخر البشر ،فإذا لم تؤمنوا فلن ينتهي الإيمان من العالم ،فسيأتي قومٌ آخرون يستخلفهم الله ليعمّروا الأرض ،وليعملوا بطاعته ،ويسيروا على هداه ،{وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا} لأنه الغني عن عباده في طاعتهم ومعصيتهم ،فلا تنفعه طاعة من أطاعه ،ولا تضرّه معصية من عصاه ،بل هم الرابحون في طاعته ،والخاسرون في معصيته ،لأن الله لم يأمرهم إلا بما فيه صلاحهم ،ولم ينههم إلا عما فيه فسادهم ،{إِنَّ رَبِّى عَلَى كُلِّ شَىْءٍ حَفِيظٌ} بما يوحيه ذلك من إحاطة بكل الأشياء علماً وملكاً وسيطرة ،ولذلك فلن يفلت أحدٌ منه ،لأنه محيطٌ بهم إحاطة الحافظ بالمحفوظ .