ديدن المجتمعات المستكبرة
{ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ} التي تبيّن صدق يوسف في دفاعه عن نفسه ،في براءته من التهمة الموجهة إليه ،{لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} للخروج من إحراج المجتمع الذي يلاحقهم بالتنديد ،لما يمثله موقف امرأة العزيز من خروج على تقاليد الطبقة الرفيعة التي ترفض الخيانة مع العبد ،وإن كانت تقبلها مع الحر المنتمي إلى الطبقة الرفيعة ،لذا أجمع الكل على التآمر على يوسف والإيحاء بأنه هو من راود سيّدته عن نفسه فامتنعت عنه ،الأمر الذي يحفظ للعائلة الكريمة سمعتها ،ويجعلها ضحيّةً لاعتداء أثيم ،وهكذا كان السجن هو الحل للمشكلة الاجتماعية التي عاشوها ،وللفضيحة الكبرى التي كادت تطوق سمعتهم ومكانتهم ،وذلك ديدن المجتمعات المستكبرة ،التي تعمل على حماية القيم الظاهرية الخادعة في سلوك أفرادها بالعمل على إلصاق التهمة بالمستضعفين الذين لا يحترمهم المجتمع ،ولا يجد أيّ حقٍّ لهم في عيش كريم ،وإرادة حرّة ،وعدالةٍ شرعيةٍ ،لأن ذلك هو حق الأحرار ،لا حق العبيد .
وربما كان السجن تنفيذاً للتهديد الذي أطلقته ،في وجه يوسف ،وسيلة من وسائل الضغط عليه ليستجيب لها ،ودعت زوجها إلى تنفيذه في البدآية ،وتحدثت به إلى صويحباتهافي النهايةليعرف ،من خلال فقدان حريته ،ورفاهية الحياة التي كان يتمتّع بها في بيت سيّدته ،أنّ الانسجام مع رغبتها ،هو الأولى به ،والأفضل له .