ولكنهم يحاولون أن يغطّوا هذه الحالة السلبية المعقّدة فيهم ،والإيحاء بأن رفضهم للعقيدة الجديدة أو للرسول ،ينطلق من موقفٍ فكري حقيقيّ ،موضوعه اختلاف المفاهيم الفكرية التي يحملونها عن قناعةٍ عما تطرحه دعوة الرسول من قضايا ومفاهيم ،لإكساب معارضتهم نوعاً من الاحترام أمام جماعاتهم ،كي لا تتحول إلى موقف عنادٍ وتمرّدٍ دون أساس .ولكن الله يفضح المسألة كلها ،لأنه يعلم خفايا الأشياء كما يعلم ظواهرها{لاَ جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} فلا يمكنهم إخفاء حقيقة الموقف عنه ،لأن علمه ينفذ إلى ما يفكرون ،حتى يطلع على وساوس الصدور وخائنة الأعين ،الأمر الذي يفقدهم محبة الله ،لاطلاعه على طبيعة الكبرياء المعقّدة في مواقفهم{إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} لأن الاستكبار لا يمثل موقف انفتاحٍ إنسانيّ ،بل يمثل حالة انغلاقٍ معقّدٍ شيطانيّ مرفوضٍ من الله ورسالاته ،لأنه يقهر إنسانية المستضعفين من الناس ،وينحرف بالتفكير إلى اتجاهٍ مضادٍ للحقيقة ،ويحوّل الحياةمن حولهإلى ما يشبه الجحيم