طمأنينة المؤمن
وهكذا تمّ لذي القرنين ما أراده من إغلاق المنافذ التي كان ينفذ منها هذا الجيش البشرييأجوج ومأجوجليفسدوا البلاد ويهلكوا العباد ،وذلك انسجاماً منه مع مسؤوليته الإيمانية في ما أراده الله من تقوية الضعيف بقدرته .وهناك شعر بالراحة النفسية والطمأنينة الروحية التي يلمسها المؤمن عندما يقوم بمسؤوليته أمام ربه ،فيرى رحمة في القوة التي منحها الله له وفي الروحية التي فتح فيها قلبه وعقله على مواقع الخير ،ما يعطي الموقف معنى الإيمان الذي يعيش معه الإنسان ،بعيداً عن كل مشاعر القوة الذاتية والكبرياء الشخصي .
{قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي} فهو مكنني من الخير وهيَّأ لي الظروف وساعدني على مساندة الآخرين لي في ما أريد القيام به في خط المواجهة للمفسدين في الأرض ،وفي مجابهة القوة العدوانية بالقوة العادلة .{فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ رَبِّي} وقامت القيامة ،وزالت الجبال وتحولت إلى هباء …{جَعَلَهُ دَكَّآءَ} فلا يبقى منه شيء ،بل يتحول إلى تراب يطير مع الريح{وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً} لا ريب فيه ،فهو أصدق من وعد ،فلا مبدل لكلماته وهو اللطيف الخبير .وربما كان المراد من الوعد الحق ،الزمن المحدد الذي يختص بهذا السد عند اقتراب الساعة ،كما قد توحي به الآية الكريمة في قوله تعالى في سورة الأنبياء:{حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ* وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} [ الأنبياء:9697] .