{عِتِيّاً}: مصدر الفعل: عتا يعتو عتوّاً وعتياً ،فهو عاتٍ إذا غيّره طول الزمان إلى حال الجفاف واليباس ،ومعناه: أنه بلغ من الكبر إلى حالٍ يبست معها مفاصله وعظامه .
{قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امرأتي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً} فقد غيرني الزمان إلى حالة لم يبق لي معها شيء من الحيوية فصرت تماماً كالعود اليابس الذي لا خضرة فيه ولا حياة ،فكيف يمكن أن أهب الحياة لغيري في مثل هذه الظروف الصعبة ؟وكأن زكريا قد فوجىء بأمر لم يكن ينتظره لأنه لم يحسب أن الإنجاب يتم بمثل هذه السهولة ،وأن الدعاء يستجاب بهذه السرعة ،وأن ما كان مستحيلاً في نظره أصبح واقعاً في حياته .وربما كان يتصور أن دعاءه بالولد يدخل في نطاق التمنيات التي يتحدث بها الإنسان إلى ربه ،دون أن يكون له طمع كبير في تحققها ،لا لأنه يشك في قدرة الله على ذلك ،بل لأنه لا يعتقد أن الله يتدخل في الأمور بشكل مباشر لمصلحة شخص معين ،بعد أن جعل الحياة كلها خاضعة للسنن الكونية في وجودها وفي حركتها العامة والخاصة .وهذا ما جعل السؤال ينطلق منه في ما يشبه الصراخ العنيف ،كما توحي الآية .