{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ}الذي أراد للبيت أن يكون مركزاً لبلدٍ يسكنه النّاس ويجتمعون فيه للحصول على ضروراتهم العامة والخاصة ؛{ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا} المكان الذي يضمّ البيت الحرام{ بَلَدًا آمِنًا} ،يعيش النّاس فيه الأمن والطمأنينة ،{ وَارْزُقْ أَهْلَهُ}المقيمين فيه{ مِنَ الثَّمَرَاتِ}التي يحتاجون إليها في غذائهم ،{ مَنْ ءَامَنَ مِنْهُم باللّه وَالْيَوْمِ الآخِرِ} ،من هؤلاء الذين أخلصوا للّه إيمانهم وانفتحوا عليه وعاشوا الاستعداد للّقاء به في اليوم الآخر الذي يخضعون فيه للحساب ،لأنَّ الكافرين لا يستحقّون الخير الإلهي .ولكنَّ اللّه الذي استجاب له دعاءه ،أعلن له أن الرزق الذي يمثّل متاع الحياة الدنيا لا يختص بالمؤمنين فقط ،بل يشمل الكافرين ،{ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً}مما أرزقه من متاع الحياة الدنيا في حاجاته المادية والمعنوية ،لأني أعطي النّاس جميعاً ما يحتاجونه في وجودهم الدنيوي ،سواء المؤمن والكافر ،والمطيع والعاصي ،لأنَّ الدنيا ليست هي الأساس في قرب النّاس وبعدهم في قضايا العطاء والمنع ،بل هي الدار الآخرة التي تمثّل المكان الفصل في اليوم الفاصل الذي تتحدّد فيه المواقع ونتائج المصير بين المؤمن والكافر ،فيلقى المؤمن جزاء إيمانه ،أمّا الكافر فإني أترك له الفرصة في الدنيا ،{ ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}في الخلود في العذاب من خلال سخط اللّه وغضبه .